تتناقل وسائل الإعلام المختلفة المحلية والإقليمية والعالمية، وعلى نحو أوسع وسائل التواصل الاجتماعي .. خبر وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" بأن الأرض سوف تشهد ثلاثة أيام مظلمة بطول 72 ساعة، وسوف يتحول معها النهار إلى ليل، وذلك بسبب انفجارات شمسية عظيمة هي الأكبر منذ 50 عاماً، والتي ستحجب أشعة الشمس بنسبة 90%، يتبعها عواصف شمسية سوف تعطل الاتصالات العالمية والكهرباء، وذلك من يوم 21 حتى 23 ديسمبر القادم.
كل ما سلف لا يعدو أن يكون إشاعة محبوكة، وأكذوبة موزونة، تروج بشأن العاصفة الشمسية القادمة، ولا يزال بعض الناس على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي يتعاطى هذا الإشاعة الفلكية، وإمعاناً في حبكة الإشاعة ربطوها كذباً وزوراً بوكالة الفضاء الأمريكية NASA، وعلى وجه التحديد برئيس ناسا "تشارلز بولدن" كمصدر للخبر، حيث أرفقوا مقطع يوتيوب لبولدن يحذر الناس من تلك الحادثة، وينصحهم بالتزام الهدوء، وأخذ الحيطة من الفيضانات والزلازل والأعمال الإرهابية!!، والمقطع لا يعدو كونه مجتزأً من سياقه عندما كان يتحدث عن حالات الطوارئ في موضوع قديم وليس له علاقة بالانفجارات الشمسية.
وأؤكد لكم أن الخبر مجرد كذبة، وإشاعة ليس لها رصيد علمي، ولا منطق فلكي، ولا أساس شرعي إسلامي، وانسحبت الكذبة تلك ليس على العالم العربي فحسب، بل والعالم الغربي والشرقي على حد سواء، ثم إن الانفجارات والعواصف الشمسية بوجه عام لا يستطيع البشر التنبؤ بها خلال فترة طويلة، وما زالت الشمس يحدث فيها الانفجارات، وتنبعث منها العواصف الشمسية بشكل دوري منذ خلقها الله سبحانه وتعالى، وللشمس نشاط دوري طوله 11 سنة يدركها العلماء الباحثون في هذا المجال، وقمة نشاط الدورة الأخيرة كان في عام 2013م.
هذا من جهة ومن جهة أخرى أزعم أن هذه الإشاعة مصدرها ديني مسيحي كاثوليكي، إذ بعضهم يؤمن أن الله سيعاقب العالم بالظلام لثلاثة أيام متزامنة مع تغير لون القمر إلى لون الدم، مع وباء ينزل في الأرض ليهلك الله به أعداء الكنيسة زعموا، ويقولون أنه لا يمكن استخدام الإضاءة الاصطناعية في الأيام المظلمة عدا الشموع المباركة!!، وكل من سيخرج من بيته آنذاك سيسقط ميتاً، لذا توصي الأسطورة أن تُغلق الأبواب، والنوافذ والابتعاد عنها، ورُبطت إشاعة الانفجارات الشمسية بيوم 21 ديسمبر وهو يوافق يوم الأحد والذي تنص عليه القصة الدينية.
وفي الختام تذكروا عام 2012م بماذا أشاعوا حوله من كذب وأساطير وخرفات ... وصدق الله حيث قال: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).
*******
*الأستاذ بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون 1436-01-10هـ 2014-11-03م