|
|||
---|---|---|---|
حلول مقترحة لتعزيز انسيابية الطواف حول الكعبة 5 عوائق وحلها سهل وسريع
شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة تطوراً وتوسعاً أفقياً ورأسياً وخدمياً وتقنياً إبان العهد السعودي الميمون، مما أثلج صدور المسلمين في شتى أصقاع الأرض ـ ولله الحمد ـ، كتب الله الأجر للمحسنين من الأولين والآخرين وأجزل لهم المثوبة والعطاء. وفي ظل الارتفاع المطرد في أعداد القاصدين، وفتح الزيارة معظم أيام السنة أصبح تطوير آلية الطواف، وتسهيل انسيابيته أمراً حتمياً، وبطريقة تدفعنا لمواكبة الأعداد المتزايدة، والحفاظ على سلامة الطائفين، وذلك من خلال إيجاد حلول تحدُّ من عشوائية حركة بعض الطائفين وعرقلتهم لانسيابية الطواف. ولاشك أن نفوس القاصدين عند رؤيتهم للبيت تتوق لتطبيق جميع سنن الطواف، وتحرص على التعلق بأستار الكعبة، والوقوف على الشعائر داخل صحن المطاف، ولكن هذا ـ بالضرورة ـ أدّى إلى عرقلة انسيابية الحشود داخل المطاف، ومن هذه الشعائر على سبيل المثال: 1. تقبيل الحجر الأسود. 2. الوقوف عند الملتزم. 3. استلام الركن اليماني. 4. الدخول إلى الحِجر للصلاة والدعاء. 5. الالتصاق بالكعبة والدعاء عندها. ولا يخفى أن القرارات الحازمة التي اتخذتها الدولة ـ أيدها الله ـ والإجراءات التصحيحية قد عالجت مشاكل عديدة كانت تؤرق المسؤولين القائمين على شؤون المسجد الحرام خلال العقود الماضية، وبزيادة مطردة مع زيادة المعتمرين؛ حيث خلقت بعض المنشآت داخل صحن المطاف بؤراً من الزحام أدت إلى عرقلة الطائفين، وقد طالت الإجراءات التصحيحية منها: 1. إلغاء قبو بئر زمزم الواقع في طرف صحن الطواف من الجهة الشرقية. 2. تعليق الدخول إلى الحجر في المواسم المزدحمة. 3. رفع ستار الكعبة في موسم الحج. 4. إزالة المباني القديمة والمحيطة بالمطاف. 5. إعادة بناء المسعى وتوسعته أفقياً ورأسياً وزيادة عدد الطوابق. وبعد أن تم كل هذا بفضل الله تعالى، ثم بدعم واهتمام ملوك المملكة العربية السعودية رحم الله من مات منهم وأطال عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده، فقد ظهر أثر تلك الإصلاحات والتوسعات وتفيأ الحجاج والمعتمرون ظلالها. ولأن بعض مظاهر عرقلة الطائفين لازال قائماً فإني في هذا المقام سأقدم بعض المقترحات والحلول لمعالجتها ـ خاصة مع الأعداد المليونية المستمرة التي يشهدها الحرمان الشريفان ـ بفضل الله ثم رؤية المملكة 2030، وذلك من خلال إجراء بعض التعديلات السهلة منخفضة التكلفة، مع الأثر الكبير إن شاء الله، وهي على النحو الآتي: 1. منع وصول الطائفين للكعبة وذلك بإعادة وضع الحواجز البلاستيكية حول الكعبة (طالع الصورة المرفقة)، ورغم أنه سيترتب على هذا الإجراء تعليق استلام الركن اليماني والحجر الأسود وتقبيله، وتعليق الوقوف في الملتزم، والصلاة في الحِجر، ورغم أن نفوس القاصدين تتوق لتطبيق هذه السنن إلا أن المستفيدين منها قليل جداً نسبةً إلى عامة الطائفين، وهؤلاء القليل هم سبب عرقلة الطواف على البقية، وبما أنها من السنن لا الواجبات، ونظراً لما يترتب على تطبيقها من التدافع وعرقلة الطائفين، وتعطيل مصالح متحققة كمرونة الطواف وانسيابيته، وسلامة الطائفين؛ فإن هذا يؤكد أهمية الأخذ بهذا المقترح، ولو اقتصر ذلك على أوقات الذروة في المواسم، مثله مثل إغلاق الحِجر أوقات الزحام الشديد، هذا بالنسبة للسنن الثابتة. أما مالم تثبت سنّيّته كالتعلق بأستار الكعبة مثلاً فإن وضع الحواجز حول الكعبة سيقضي عليه بالكلية؛ وبالمناسبة: يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: " أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة أو بجدرانها أو يلتصق بها، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله؛ لعدم نقله عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة رضي الله عنهم". من جهة أخرى: كم نسبة الذين يستطيعون الوصول إلى تطبيق السنن آنفة الذكر؟ إذا افترضنا أن عدد الطائفين في الوقت الواحد مائة ألف؛ فإن نسبة الذين سيعرقلون الطواف، ويسببون عراكاً وتشويشاً على الطائفين، ربما لا تصل إلى ألف شخص فقط!! وهؤلاء الألف يعرقلون طواف تسعة وتسعين ألف شخص!! وعليه: فإن المصلحة بعزل الكعبة عن وصول الجميع أرجح من مصلحة إتاحة الوصول لبعضهم رغم أن نسبة هؤلاء البعض لا تتجاوز 1% من عموم الطائفين. وليس هذا المقترح ببدع من القول؛ فقد اتخذت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ما هو أقسى من ذلك حيث قصرت الوصول إلى صحن المطاف كله على المحرمين فقط، ولم تسمح لغيرهم بالصلاة فيه؛ وذلك لإعطاء الفرصة للطائفين دون أن يزاحمهم عليه المصلون، ولضمان سلامتهم وتسهيل الطواف لهم .. فما دام أن هذه الإجراءات لم تخالف نصاً شرعياً ولم تجبر زائراً على ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالأمر فيه سعة ومصلحة. 2. وبوضع الحواجز حول الكعبة نكون قد حققنا علاج نحو 85% من المشكلة أو أكثر، ويبقى منها نحو 15% وهي مشكلة التكدس حول مقام إبراهيم عليه السلام، حيث يشاهد الجميع وقت الزحام، أو من خلال المراقبة العلوية لحركة الطواف أن حشد الطائفين يصطدمون بالمقام فيعمل على تفريق الطائفين إلى كتلتين من البشر المتلاصق والمتموج، بالإضافة إلى عدد ليس بالقليل يقفون عند المقام للتبرك به أو النظر إلى ما بداخله، فيزيد الضغط على الحشود القريبة من الكعبة حيث تعاني هي أصلاً من عشوائية الطائفين الخارجين من الحجر الأسود والملتزم إلى خارج المطاف، فهنا تتكدس الحشود وأحياناً تتوقف الحركة، وتتشكل بؤرة من الازدحام الشديد، وتبدأ أصوات الطائفين ترتفع بالشكوى خاصة النساء وكبار السن من هول الزحام والضغط على الأجساد. هذا وقد صدرت بحوث وفتاوى عديدة من أهل علم وفضل في وقت كان عدد الحجاج والمعتمرين قليلاً مقارنة بالوضع الحالي تفيد بجواز نقل مقام إبراهيم عليه السلام من مكانه إذا كان ثَم مصلحة للطائفين، منهم: الشيخ عبدالرحمن المعلمي في كتابه: "مقام إبراهيم"، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في رسالته: "الجواب المستقيم في جواز نقل مقام إبراهيم"، والشيخ علي الصالحي في كتابه: "التنبيهات حول المقام"، والشيخ صالح السدلان، وغيرهم. وقد كتبت عام 1429 مقترحاً لرئاسة شؤون الحرمين خلاصته: (تصميم مقام إبراهيم وفق فكرة عصرية جريئة ومفيدة، وذلك بأن يكون المقام متحركاً .. أي يبنى فوق قاعدة رخامية متحركة -على غرار منبر الجمعة-، يتزحزح بعيداً عن الكعبة كلما زاد عدد الطائفين؛ أو يتزحزح ناحية الكعبة ليدخل ضمن الدائرة المقترحة والمحيطة بالكعبة والتي تعزل الطائفين عن الكعبة والحِجر، ليعطي انسيابية ومرونة وليسمح بتدفق المزيد من الطائفين كما تسمح فكرة القاعدة المتحركة بإعادة المقام لمكانه الأصلي في غير أوقات المواسم والزحام). هذا ما ورد في ذهني تجاه مسألة انسيابية حركة المطاف اختصرته بطريقة أرجو أن تكون واضحة وموجزة .. وقد كتبت المقترح رجاء أن يُعرَض على هيئة كبار العلماء، وينظروا فيه، لعل الله أن يجعل فيه بركة، هذا ما عندي فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان غير ذلك فمني والشيطان، وأسأل الله التوفيق والسداد. أ.د. عبدالله المسند 1445-2024 |
|||
|