• 178 قراءة


  • 0 تعليق

🕌مساجدنا أزمة تخطيط هندسي .. بين غياب النموذج وضياع الجمال 🕌

🕌في الوقت الذي تعيش فيه السعودية نهضة حضارية وعمرانية شاملة، لا تزال مساجدنا - وهي أهم منشآت الحي وأشرفها - تعاني من أزمة تخطيط هندسي عميقة.. فمعظم المساجد يتم بناؤها بتدخلات شخصية، إما من المتبرع، أو الوسيط، أو حتى من المهندس الذي يفتقر للرؤية الشاملة، ولا يأخذ بعين الاعتبار حقيقة وظائف المسجد المثالي مما ينتج عنه مبانٍ تفتقر لأبسط مبادئ التصميم المعماري الحديث .. حتى صارت سمات معظم مساجدنا وسط الأحياء، وعلى الطرقات أقل جمالاً بكثير من المباني التجارية‼️

🕌غياب النموذج الهندسي الملزم
المشكلة الأساسية أن بناء المسجد يتم غالباً بلا نماذج هندسية مرجعية أو معايير إلزامية. وحتى إن وُجدت بعض النماذج، فإنها لا تُلزم المتبرعين أو المقاولين، مما يجعل كل مسجد حالة مستقلة تمامًا عن الأخرى. والنتيجة: لا تجد مسجدين متماثلين، ولا هوية معمارية واضحة، ولا مرجعية جمالية أو وظيفية.

🕌تشوه بصري وهدر عمراني
العديد من المساجد اليوم تشبه مبانٍ مؤقتة أو متواضعة، تفتقد للخصوصية المعمارية، ويغيب عنها الحس الجمالي، في الوقت الذي تتسابق فيه المباني التجارية والمقاهي والمكاتب في الإبهار والتميز!!. بل الأسوأ، أن مساجدًا مضى على بنائها 30 عامًا تخضع لصيانة شاملة، وأخرى عمرها 40 أو 50 عامًا تُهدم وتُعاد بناؤها بالكامل لتتماشى مع المحيط العمراني .. والشواهد مرصودة وموجودة.

🕌ما الحل؟
الحل يبدأ بتشكيل لجنة من المهندسين والمخططين والخبراء السعوديين، لوضع مجموعة نماذج قياسية لا تقل عن 50 نموذجًا، بأحجام وقيم مختلفة، بحيث تراعي الطرز المعمارية المحلية (النجدية، الحجازية، العسيرية) والدولية (الأندلسية، المغربية، الماليزية)، بالإضافة إلى الطراز الحديث الذي لا يخضع لنمط مكاني أو زماني معين (تخير النموذج المناسب لحيّكم).

🕌معايير جودة الحياة في المسجد
وأرى أن تجتمع في كل النماذج الهندسية المقترحة كل المعايير الواجبة هندسياً ومنها: البيئية، والجمالية، والوظيفية، والاجتماعية، والأمنية، والاقتصادية عبر أكواد يلزم كل من بنى مسجداً لله أن يلتزم بها، لنرتقي بجودة المبنى، وجودة الحياة داخلها ومن حولها.

🕌عناصر التصميم الإلزامية
وأن تشمل المعايير والأكواد كلاً من: الشكل، الحجم، اللون، التكييف، الإنارة، العزل، الصوت، وطول وشكل وموقع المنارة، دورات المياه، إعادة تدوير مياه الوضوء، الطاقة الشمسية، والاستدامة، المواقف، التشجير ..إلخ، حتى تكون مساجدنا أرحب، وأجمل، وأنظف، وأفخم، وأشرح من مجالسنا ومكاتبنا ومقاهينا والله المستعان!!

🕌نماذج من الفوضى الحالية:
❎بعض مساجدنا لا تُرى بسبب تقزيم المنارة‼️
❎معظم مساجدنا بدون مواقف للسيارات، وكأنها بُنيت قبل اختراع السيارات‼️
❎معظم مساجدنا بُنيت دون مراعاة للجوانب البيئية، والمناخية، والوظيفية للمسجد‼️
❎معظم مساجدنا لا يوجد حولها أشجار يستظل بها.
❎بعض مساجدنا تجدها ملتصقة بمبنى الجيران من جهة واحدة أو أكثر، وهذا خطأ فاحش في التخطيط.
❎بعض مساجدنا مناراتها صُممت بشكل غريب!! سمها ما شئت إلا أن تكون منارة.
❎بعض مساجدنا لم تأخذ بالحسبان ذوي الإعاقة.

وهناك نقاط صغيرة وكثيرة في هندسة وبناء المساجد قد تفوت حتى على المهندسين، ولكنها حاضرة في أذهان الخبراء في هذا الجانب الذين يهتمون بالتفاصيل والتدقيق في هذا الميدان فيلزم الاستماع إليهم.

🕌الرسالة:
هذه دعوة صادقة لوزارة الشؤون الإسلامية، ولمسؤولي إدارة المساجد، لتبني مشروع وطني شامل لإعادة تعريف "هندسة المسجد"، وفق رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على جودة الحياة، والجمال الحضري، وتقليل التشوه البصري.
فبناء المسجد ليس عملًا عشوائيًا، بل رسالة حضارية يجب أن تُعبّر عن ذوق الأمة، ووعيها، وعمقها الثقافي والديني.
والله المستعان .. هذا والله أعلم. 
#فجريات_المسند_26

أ.د. عبدالله المسند

2025-1446 

  •   
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة 2021
جميع التعليقات والردود المطروحة لا تمثل رأي موقع
الدكتور عبد الله المسند ، بل تعبر عن رأي كاتبها
المتصفحون الان: 12
أنت الزائر رقم 4,578