|
|||
---|---|---|---|
:. تتزامن فترة الحج هذا العام مع منتصف شهر نوفمبر وقبيل نهاية الوسم وبداية المربعانية، ولاشك أنها فترة حرجة من جهة كونها تقع في شهر نوفمبر وهو ـ عادة ـ شهر تكثر فيه التقلبات الجوية، وحالات عدم الاستقرار الجوي، ـ وقد ـ تكون الأمطار فيه ـ إن أمطرت ـ فجائية وغزيرة والله أعلم، وهي سمة الأمطار الصحراوية، بل إن أغزر الأمطار وأشدها كثافة في مكة تهطل ـ عادة ـ في شهر نوفمبر، والذي يتزامن مع أداء مناسك الحج هذا العام، ويصل متوسط هطول الأمطار في نوفمبر إلى 26 ملم، بينما متوسط عدد الأيام المطيرة خمسة أيام خلال الشهر نفسه وذلك في مكة المكرمة، مع الأخذ في الاعتبار التذبذب الكبير في الأمطار، وارتفاع قيمة الانحراف المعياري في كمية الأمطار.
:. ونماذج المحاكاة المناخية تتوقع ـ والعلم عند الله ـ أمطاراً خفيفة إلى متوسطة خلال فترة الحج في مكة المكرمة، والمساحة الجغرافية للأمطار قد تشمل أجزاء من الوسطى والشمالية، وهذا لا يعني بالضرورة الاعتماد على مخرجات النماذج المناخية تلك في شأن التوقعات الجوية في فترة الحج، والتي لا يعول عليها 100%، فقد تتغير وتتبدل أكثر من مرة، لذا فنحن نستأنس بمخرجاتها ولا نعتمد عليها، والمعول عليه في هذه الحالة هي المراقبة الآنية واليومية للظروف الجوية المحلية هذا من جهة، ومن جهة أخرى تمتلك الرئاسة العامة للأرصاد في السعودية الإمكانات البشرية والمادية لمتابعة الأحوال الجوية بشكل مفصل، وعلى وجه الخصوص فوق أجواء مكة وما حولها، وذلك لتقديم الإنذار المبكر خلال فترة الحج لحماية أكثر من مليوني حاج يغص بهم وادي منى، الذي (قد)تغمره السيول الجارفة في غضون أقل من 45دقيقة في حالة بلغت كثافة السيول 100ملم فأكثر في الساعة، سيما وأن سفوح الجبال المطلة على مشعر منى تُسرِّع من عملية الجريان السطحي، وتضاعف من كمية السيول، وهذا وجه من وجوه التحدي لدى قوة الدفاع المدني. ولقد أثبتت الدراسات المناخية أن 50% من أمطار المملكة تهطل بكثافة تزيد على 20 ملم في الساعة، وعندما نستقرئ الماضي فقد هطلت في مكة أمطار غزيرة وكثيفة جداً بلغت كميتها 240ملم خلال ثلاث ساعات فقط أي بمعدل 80 ملم بالساعة، وذلك يوم الأربعاء الرابع من ذي القعدة من عام 1388هـ (23 يناير 1969م)، أيضاً في الثامن من أبريل من عام 1975م هطلت أمطار كثيفة بلغت 43 ملم في غضون 52 دقيقة فقط، ووفقاً للاستقراء المناخي فقد تجاوزت كمية الأمطار 50ملم خلال مطرة واحدة وذلك في شهر نوفمبر في عام 2000م، 2002م و 2008م.هذه الظروف المناخية المتذبذبة، والطبوغرافية الجبلية الوعرة لمكة المكرمة شكلت هاجساً لدى ولاة الأمر ـ حفظهم الله ـ دفعتهم إلى دعم سخي لكافة الجهات ذات العلاقة بما يلزم للحفاظ على أمن الحجاج البيئي.
:. وعليه فالمسؤولية مضاعفة وكبيرة على عاتق الرئاسة العامة للأرصاد، وهم بلا شك لديهم الدراية والقدرة في متابعة ومراقبة السحب بالبعد الثلاثي، بل والرباعي أيضاً بدقة قد تصل إلى 80%قبل أن تُعصر السُحب الركامية فوق المشاعر المقدسة بوقت حرج قد يصل إلى ساعة أو ساعتين تقريباً، لذا فعامل الوقت والخبرة والمراقبة العلمية الدقيقة لنشوء حالة عدم الاستقرار الجوي كفيلة في إعطاء الإنذار المبكر من قِبل الأرصاد وهم خط الدفاع الأول في الميدان، ورفع الاستعدادات إلى اللون الأحمر من قِبل إدارة الدفاع المدني ومعها الجهات ذات العلاقة ـ في حالة اكتشاف حالة جوية عنيفة ـ والبدء بعملية الإخلاء فوراً، إذا استدعى الأمر لا قدر الله "والسعيد من وعظ ... بجدة".
:. ومسألة إمكانية التأثير في مسار الحالة الجوية العنيفة لحرفها عن المشاعر المقدسة، أو إجهاض السحب العنيفة قبل أن تصل إلى أجواء المشاعر المقدسة، فلا زالت في طور النظرية ولم تنجح عملياً على مستوى العالم.
:. وبالنسبة لدرجة الحرارة خلال فترة الحج هذا العام فإن الوضع أفضل من الأعوام السابقة، إذ أن الحج يزحف بعيداً عن فصل الشتاء الذي خرج منه منذ سنتين (1429هـ)، ويأتي الآن في نهاية فصل الخريف، وكل عام تتقدم فترة الحج 11 يوماً بالمتوسط مقارنة بالسنة الميلادية، ومن المتوقع أن تكون درجة الحرارة معتدلة إلى دافئة نهاراً (معدل العظمى 35 درجة مئوية)، وتميل إلى البرودة مساء (معدل الصغرى 23 درجة مئوية)، وتجدر الإشارة إلى أن فترة الحج ستدخل في فصل الصيف عام 1437هـ وتبقى فيه لمدة ثمان سنوات، ثم تدخل فترة الحج في فصل الربيع عام 1445هـ وتبقى فيه لمدة تسع سنوات، ثم تدخل فترة الحج في فصل الشتاء عام 1454هـ وتبقى فيه لمدة ثمان سنوات.
:. ومن جهة أخرى يجاور المسجد الحرام برج ساعة مكة كأطول مبنى في العالم بعد برج خليفة في دبي، وهو في الحالة تلك يعانق السحاب والرباب المنخفض، وسيكون برج ساعة مكة العملاق هدفاً مفضلاً لضربات الصواعق، فمن المتوقع ـ والله أعلم ـ أن تشهد قمة البرج ضربات الصواعق في حالة حدوث حالات عدم استقرار جوي عنيفة، وبصورة تزيد عن معدل ضربات الصواعق لبرج خليفة، وذلك يعود إلى طبيعة طبوغرافية مكة الجبلية الوعرة، والتي هي أحد العوامل المشكلة لبناء السحب الركامية العظيمة وتوسعها بشكل عمودي، والمضطربة بشحناتها الكهربائية.وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات العلمية أثبتت أن المرتفعات الجنوبية الغربية ومنها مدينة مكة المكرمة تعتبر مع اليمن أكثر مناطق حدوث البرق في العالم العربي. :. وفي الختام آمل من الجهات المعنية كقوة الدفاع المدني، وكافة القطاعات الحكومية ذات العلاقة أخذ عامل المناخ والتقلبات الجوية كأهم دور لاعب ومتغير خلال فترة الحج، والاستعداد لكافة السيناريوهات المتوقعة، بل وأهيب بقوة الدفاع المدني إلى التدرب على أسوء سيناريو قد يقع خلال فترة الحج، وهو هطول أمطار تصل إلى 100ملم في الساعة، مع رياح هابطة قد تصل سرعتها إلى أكثر من 60كم في الساعة، وجريان سطحي تعجز قنوات الصرف عن تصريفه، والله يحفظ البلاد والعباد من كل شر وسوء إنه لطيف رحيم. ولجميع المهتمين من الجهات والأفراد بمتابعة مناخ وطقس السعودية بالتفصيل وبشكل آني فإن "جوال كون" متخصص في هذا المجال، أرسل رقم 1 إلى 88519 لمشتركي الجوال، أو 601260 لمشتركي موبايلي أو 707146 لمشتركي زين.
*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون.
ذو القعدة 1431هـ - أكتوبر 2010م www.almisnid.com almisnid@yahoo.com
|
|||
|